أبدى القيادي في حركة «فتح» النائب محمد دحلان مخاوف من خطر يتهدد الحركة الوطنية الفلسطينية، مؤكداً عمق الأزمة داخل «فتح» التي قال إنها تتهاوى. واضاف أن من ينكر وجود أزمة بداخلها «فهو أعمى»، واصفاً أعضاء اللجنة المركزية للحركة بأنهم يتصرفون كالآلهة.
وشدد دحلان في حوار مع صحيفة الحياة اللندنية على أنه لا يريد أن يكون الرئيس المقبل، قاطعاً بذلك ما يتردد من حين لآخر عن أن الخلاف داخل «فتح» سببه نزاع على المناصب. واستبعد التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني - إسرائيلي العام الحالي، معتبرا ان إسرائيل لا تملك الآن أفقاً سياسياً للتسوية، ورأى أن واقعها لن يقود إلى عقد صفقة سياسية يقبلها الفلسطينيون الذين قال انهم لم يحددوا بدائلهم في حال فشل المفاوضات.
وشن هجوماً على حركة «حماس» التي قال إنها «اغتصبت القرار الفلسطيني»، وقال انه لا يفتح خطوطا معها. لكنه اعرب عن رضاه عن نتائج لجنة التحقيق الفلسطينية في أحداث غزة، من دون ان يدخل في تفاصيل الساعات الأخيرة لواقعة «الحسم العسكري»، لكنه تحدث عن أعضاء في «فتح» خانوا الحركة وتعاونوا مع «حماس». في الوقت نفسه، شدد على أنه لا يمكن إغفال «حماس»، إلا أنه ربط عودة الوحدة الفلسطينية بتراجع الحركة عن «انقلابها في غزة»، ودعاها إلى إحراج كل قيادات «فتح» عبر تراجعها عن الانقلاب، موضحاً أنه يدعم مطلب «حماس» إعادة بناء الأجهزة الأمنية.
في ما يلي نص الحوار:
> هل يعكس التراشق الإعلامي الذي جرى بينك وبين عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» حكم بلعاوي أزمة داخل الحركة؟
- التراشق الإعلامي ليست له علاقة بالأزمة داخل الحركة، رغم أن هناك فعلاً أزمات وليس أزمة واحدة: أزمة بنيان وأزمة سياسية. فالأزمة موجودة ومن ينكرها فهو أعمى لأن الحركة مرت عليها حربان وانتفاضتان وخسرنا (الرئيس الراحل ياسر عرفات) أبو عمار وخسرنا الانتخابات وحدث انقلاب «حماس»، ولم يحدث أي تغيير. الأزمة هي نتاج طبيعي لهذه المعطيات، لكن ما حدث من تراشق إعلامي في رأيي غير مفيد، خصوصاً في ظل هذا الانقسام الحادث في غزة، وهو أيضاً مبدأ مرفوض إدارياً وتنظيمياً. ولقد سألت الرئيس أبو مازن عن هذا الأمر لأنه معروف عني أنني أطرح مواقفي علناً وليس سراً.
> بماذا تبرر إذن هذا الهجوم الذي جرى عليك من بلعاوي؟
- أولاً هو يرد على تصريح مفتعل لا علم لي به نُسب إليّ من أحد معارفي، ولقد آثرت أن أرد على هذا الرجل فقط الذي يفتعل الأزمات والبطولات الوهمية والذي يدرك جيداً أنه لن يُحاسب لأنه يحتمي بعضويته في اللجنة المركزية. وإذا كان يرد باسم اللجنة المركزية، فهذه جريمة لأنه من المفترض أن يتقصى ويسأل صاحب العلاقة. ولو كان رد باسمه لكان وقع كلامه أخف وطأة، وما حدث يعكس مدى الحاجة الملحة لضرورة تغيير جذري في طريقة الأداء والسلوك وفي المنهج من خلال الانتخابات. لكن الرد بهذا الأسلوب المتدني من عضو لجنة مركزية في الحركة غير مقبول على الإطلاق، وبالنسبة الى المسألة ليست شخصية، وبلعاوي لا يشكل قضية كبرى لأناقشها.
> ما حقيقة الأزمة داخل «فتح»، خصوصاً في ضوء الحديث عن الإعداد للمؤتمر السادس للحركة، هل هناك صراع أجيال؟
- الأزمة أعمق من ذلك بكثير، وليست كما يريد أن يبسطها البعض بأنها صراع أجيال. هذا غير صحيح. الأزمة على البرنامج وضرورة إعمال النمط الديموقراطي في الحركة، ففتح هي التي قادت الحركة الوطنية الفلسطينية ولم ترتكب قيادتها أخطاء جوهرية، وكانت نموذجاً وعموداً فقرياً للحركة الوطنية الفلسطينية. لكنها الآن تتهاوى أمام أعيننا، وأي كادر يوجه نقداً أو يطرح فكرة يقوم بعض أعضاء اللجنة المركزية فوراً بإلقائه بالتهم، وأتساءل هل سمعنا يوماً ان أحدا من أعضاء اللجنة المركزية التي سيطرت على فتح عنوة منذ عام 1989 قام بالاعتراف بأنه اخطأ أو قصّر؟ لم يحدث ذلك لأنهم يتصرفون كآلهة.
> هناك من يطالب بعقد مؤتمر مصغر للحركة، ما رأيك؟
- اعتقد أن الحركة بحاجة الى رؤية أعمق من فكرة لفلفة عقد مؤتمر وكأنه سيعقد تحت الضغوط أو سيصاغ بطريقة ما فيقود إلى مزيد من التأزم. باختصار هناك أسس متعارف عليها، فهناك ملاحظات واجتماعات ولن أتوقف عند التفاصيل.
> ما صحة ما يتردد عن مطالبتك بالانضمام لعضوية اللجنة المركزية؟
- ليس صحيحاً، وأنا من أوائل كوادر فتح الذين رفضوا الاضافات في اللجنة المركزية لأن هذا يقتل العملية الديموقراطية، وهي أساساً ميتة منذ 19 عاماً. ثم إن الأزمة داخل الحركة أكثر تجذراً من أن فلان يبحث عن موقع. أنا أتحدث عن نفسي، فالوطن كله يضيع الآن بين سطوة الاحتلال وبين جنون حماس، وبالتالي أرى أن عقد مؤتمر الحركة وإصلاح فتح وإعادة بنائها هو الأساس لبداية طريق نحو مستقبل أكثر أملاً وإشراقاً، فالحركة الوطنية الفلسطينية برمتها، وليس فقط حركة فتح، أصبحت في مهب الريح. الوطن مجزأ جغرافياً وسياسياً وإسرائيل ليس لديها أفق سياسي في المستقبل المنظور، لذلك يجب أن نفكر بشكل جذري أن نصلح فتح ليمكنها أن تطرح برنامجا وطنيا سياسيا مريحا ومقنعاً يمكننا أن ندافع عنه في المجتمع الدولي وأن نحشد كل القوى الفلسطينية العربية والدولية خلفنا، لكن صوغ الأمور بالشكل الذي نراه الآن، فإنه سيذهب بنا إلى كارثة لا محال.
> ما صحة ما تردد عن أنك لوحت بانشقاق داخل حركة فتح إن لم تستجب لمطالبك؟
- لن أرد على من يروجون لمثل هذه الأكاذيب فهم لا يستحقون، لكن هناك من يسعى إلى تبسيط الأزمة وتصويرها على أنها مواقع أو أجنحة، فالازمة أكبر بكثير. وأتساءل هل طرحت قيادة فتح سؤالاً على نفسها ماذا ستفعل إذا فشلت المفاوضات السياسية، وما هي البدائل في ظل حقائق الانقسام الداخلي وغياب الافق السياسي من الجانب الاسرائيلي. للأسف لا توجد أفكار، ومن وجهة نظري لا يجوز أن نسكت عند المجتمع الدولي والشعب الفلسطيني يذبح يومياً فيما اصبحت القضية الفلسطينية قضية إنسانية وليست سياسية، بينما نرى العالم من جانبنا يعترف باستقلال كوسوفو في حين أن الشعب الفلسطيني ما زال يعاني منذ عام 1948.
> تحدث البعض عن أن الخلافات سببها منافسة على كرسي الرئاسة، فهناك احتمال ألا يخوض الرئيس محمود عباس (ابو مازن) انتخابات الرئاسة المقبلة؟
- مرة أخرى المسألة ليست موقفاً، فهناك خطر حقيقي يهدد الشعب الفلسطيني كله، بما فيه حركة فتح، ومن لا يرى ذلك ولا يشعر بمدى خطورته فهو إما جاهل سياسياً أو مكابر. الوطن يُنهش والقضية أصبحت في خطر حقيقي، ونتحدث عن الرئاسة؟ أصلاً ما جدوى الرئاسة والشعب كله ضائع، ثم أن هذه المسألة ليس عليها نقاش لأن الرئيس أبو مازن في موقعه يرأس فتح والسلطة الفلسطينية واللجنة التنفيذية (لمنظمة التحرير)، وإن حصل له أي مكروه لا قدر الله، ستحدث كارثة أكبر لها علاقة بالشرعية السياسية، وستكون هناك أزمة كبرى لأن أبو مازن يجمع هذه الحقائب الثلاث التي تحمي الشرعية وتحافظ على استمرار شرعية السلطة والمنظمة، بالاضافة إلى أنني قلت مراراً إنني ملتزم من سيأتي رئيساً، وحين فقدنا الرئيس الشهيد ياسر عرفات، ذهبنا جميعا لإقناع الاخ أبو مازن بخوض انتخابات الرئاسة، ولم نختلف عليه وانتهى الأمر. لكن كل من يثير هذه القضايا يسعى إلى الهروب من الاسئلة الصعبة بتوزيع التهم بأن فلان يبحث عن الرئاسة أو عن موقع ما، بينما القضية الفلسطينية في مهب الريح. باختصار شديد أنا لا أريد أن أكون الرئيس المقبل، الأولى الآن البحث عن فلسطين المقبلة، فهذا ما يعنيني الآن.
> ما هي الاسئلة الصعبة التي يهربون منها؟
- أولاً حين يفتعلون في اللجنة المركزية تصريحا كاذبا وهم يعلمون أنه مختلق وفي الوقت نفسه لا يملكون جرأة الرد. أيضاً هل تملك اللجنة المركزية الرد على أسئلة عن مستقبل قطاع غزة والقضية الفلسطينية إذا فشلت المفاوضات، لأنه إذا استمرت الظروف الحالية كما هي في ميزان القوى، ستفشل المفاوضات ولن يكون هناك حل نهائي كما كنا نتمناه عام 2008 لقضايا الوضع النهائي، أي القدس الشرقية العاصمة وحدود عام 1967 وعودة اللاجئين بناء على القرار 194. هذا أصبح لا وجود له الآن في العقل الإسرائيلي. أيضاً ما هو مستقبل العلاقة السياسية والجغرافية بين غزة والضفة، وما مستقبل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني من الفقر والجوع وظلم حماس وعدوان الاحتلال، وما هو مستقبل أجيال كاملة في الضفة والقطاع في ظل ضعف التحصيل العلمي في ضوء أزمة حقيقية في التعليم، وما هو مستقبل العلاقة مع إسرائيل في حال اقتنعنا بعدم وجود حل جوهري؟ كل هذه أسئلة تحتاج إلى تفكير وتخطيط.
> كثيرون حملوك مسؤولية هزيمة فتح في غزة، خصوصاً انك كنت غائباً وقت الأحداث؟
- غياب القيادة غير مبرر، ألا يوجد غيري من يتحمل المسؤولية. التقرير (التحقيق) أنصفني أكثر مما أطلب، لكنني كفلسطيني وكفتحاوي أعتبر نفسي مقصراً، ولدي الجرأة على أن أتحمل المسؤولية، وأنا ملتزم نتائج التقرير (لجنة التحقيق).
> لكن هناك من يشكك بهذا التقرير لأن رئيس لجنة التحقيق هو الأمين العام للرئاسة الطيب عبدالرحيم، ووصف بعض الفتحاويين رئاسة الطيب لهذا التحقيق بأنه نكتة لأنه مقرب منك؟
- ولو كانت النتيجة العكس كيف كانوا سيصفون الطيب، هل يجب أن يجلدني التقرير حتى يكون صائباً في نظرهم.
> ماذا عن تحميلك مسؤولية الحرب الأهلية التي جرت في غزة والقول بأنك وراءها؟
- هناك تنظيم اسمه «الإخوان المسلمين» يعتبر من ينتقده أو يجابهه إما كافر أو خائن. موقفهم هذا لا يهز شعرة مني. باختصار شديد أنا قرأت التقرير على الانترنت تفصيلياً، وإن أخطأت فأنا أعترف بخطئي، وإن أصبت فالناس تعترف بصواب موقفي، لكني أسأل هؤلاء الذين يحملونني المسؤولية: أين دور الذين خانوا الحركة ورفضوا أن يذهبوا أو يكونوا في غزة جُبناً؟ ثم أن هناك من كانوا يعملون مع حماس وخانوا فتح. في النهاية أنا ملتزم نتائج التقرير. أما عن الحرب الأهلية، فالذين قتلوا الفلسطينيين للمرة الاولى في التاريخ الفلسطيني على الهواء مباشرة بابتهاج شديد هم حركة حماس، ولم يعد سراً أن حماس انقلبت على الشعب الفلسطيني، وعموما كلما تقدمت حماس في الحكم كلما اكتشف الشعب الفلسطيني والمراقبون والمثقفون حجم الكارثة التي كنا نحذر منها في سلوك حماس.
> تتحدث عن أزمة خطيرة وأن القضية الفلسطينية كلها في مهب الريح، لماذا لا تضعون يدكم في يد حماس، خصوصا أنه لا يمكن إغفالها، فهي تمثل جزءاً كبيراً من الشعب الفلسطيني، ألا يستحق الأمر التنازل في سبيل الوطن؟
- أنا لا أفتح خطوطا مع حماس لأنني ملتزم ما يقوله الرئيس أبو مازن، بالرغم من أنني مرتاح على المستوى الشخصي لأن جميع ما كنت أحذر منه عن الحركة حدث. ومع ذلك، لا يمكننا أن نغفلهم (في حماس)، لذلك يفترض من حماس مراعاة مصالح الشعب الفلسطيني، فعلى الرغم من كل الجرائم التي ارتكبتها عليها أن تتراجع عن الانقلاب، كما قال الرئيس عباس، حتى يمكن أن نتحاور ونعالج كل القضايا الداخلية، فهل تراجعها هذا زلزال؟ أنا لا أرأى أن هذه شروط، إذا أعلنت حماس أنها ستتراجع عن الانقلاب وتبعاته، سنخرج مؤيدين ومهللين، وسنفرضها على الجميع، وأنا سأكون أول المنادين بضرورة إعادة اللحمة الداخلية ومعالجة كل نتائج الانقلاب من جراح وآلام لكل العائلات التي فقدت أبناءها، لكن يبدو أن مستقبل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لا يعنيها.
> يقال إن الحوار مع حماس خط أحمر أميركي؟
- غير صحيح، مفتاح الحوار بين أيدي حماس وليس الأميركيين. أذكّر أننا ذهبنا ووقعنا اتفاق مكة رغم معارضة الاميركيين وضد رغبة إسرائيل ورغم أننا لسنا دولة مستقلة، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يفرضوا علينا ما يريدون، وأنا من الذين قاتلوا من أجل توقيع اتفاق مكة. وأكرر أنه فور عودة حماس عن الانقلاب، سيتحرك أبو مازن لرأب هذا الصدع، وسنكون أدوات مساعدة له في تحقيق ذلك. أدعوهم أن يغلقوا الطريق على الاميركيين، وليحرجوا أبو مازن، بل ليحرجوا كل حركة فتح، فالعودة عن الانقلاب تعني بداية فتح الطريق، لكن خطف الشعب الفلسطيني وقتله ونهبه والبلطجة لن تفيد، ولو كنت أشغل موقعاً رسمياً لقالوا إن دحلان هو الذي يعيق ويمنع عقد الحوار.
> كيف يتراجعون عن الانقلاب ويسلمون الأجهزة الأمنية التي كانت هي السبب الرئيس في الصراع بين فتح وحماس أو السلطة والرئاسة والحكومة؟
- أنا شخصياً ضد إعادة الأجهزة الأمنية إلى ما كانت عليه في السابق، وبالمناسبة عرضت في السابق خطة تفصيلية مختصرة لإعادة بناء الأجهزة الأمنية بمهنية عالية وباستقلالية بعيدا عن التجاذب الفصائلي، وعرضتها على الرئيس عباس وعلى إسماعيل هنية (عندما كان رئيساً للحكومة) ووافق عليها الرئيس وكذلك هنية، لكن الانقلاب سبق بداية العمل. نحن مقتنعون كفتحاويين ووطنيين بضرورة أن تكون الاجهزة الامنية مستقلة، لكنهم رفضوا وانقلبوا على السلطة. باختصار شديد حماس خضعت لأوهام مجنونة غير منطقية ولخيال مريض تسبب في هذه الكارثة على أنفسهم وعلى الشعب الفلسطيني كله، فأصبحت الحركة الآن في الوعي الفلسطيني والعربي مجموعة لصوص ومجرمين بدلا من تنظيم نزيه يعكس مجتمعا مجاهدا ومقاوما. أي فضيحة أكثر من ذلك.
> تردد أنك تعارض إطلاق القيادي في فتح مروان البرغوثي؟
- مروان صديق شخصي منذ كنا طلاباً، وهو كادر مميز وقائد وأدى دوراً استثنائياً في الانتفاضة، ووجوده مفيد وسيضيف كثيراً، ونأمل في أن تتم صفقة تبادل الاسرى بين الاسرائيليين وحماس بطريقة مشرفة وتتضمن الإفراج عن مروان برغوثي.
> على صعيد المفاوضات السياسية، ذكرت أنه لا يوجد أفق سياسي مأمول من الجانب الاسرائيلي في المستقبل المنظور، هل لديك معلومات تبني عليها توقعاتك؟
- هذا ليس تقديري الشخصي أو موقفاً ترفياً بل هو نتاج خبرة ودراسة معمقة، فالوضع الفلسطيني مرهون بالوضع السياسي الإسرائيلي، نحن أصبحنا جزءا من الحياة السياسية في إسرائيل، ولا أرى أن الوضع الحالي هناك يسمح بانطلاق عملية سلام جدية، فهناك انقسام داخلي. أقول لا يوجد أفق سياسي من الجانب الإسرائيلي لاعتبارات كثيرة لا أريد أن أشرحها، ومنطقيا أدرك من تجربتي في المفاوضات أن الواقع الاسرائيلي الحالي لن يقود المنطقة إلى إمكان عقد صفقة سياسية يمكن للشعب الفلسطيني تقبلها.
> ما هي الخيارات إذن؟
- يجب أن أعول على العلاقات الدولية بين القوى والفصائل الفلسطينية المختلفة، ثم تأكيد المشروع السياسي بالكامل، وللأسف ليست هناك أفكار حول ذلك.
> عودة إلى المسار السياسي ومفاوضات السلام، هل هذا التحليل له علاقة باتصالاتك بالإسرائيليين؟
- أنا الآن ليست لدي علاقة مع الإسرائيليين، لكنني أتابع الوضع الداخلي الاسرائيلي عن كثب لأنني مقتنع بأن التقدم أو التراجع في عملية السلام يتأثر مباشرة بالوضع الداخلي الإسرائيلي، فتأثير المجتمع الدولي على إسرائيل محدود للغاية، والاميركيون فقط هم من يملكون التأثير عليها، والادارة الأميركية حاليا لا يمكنها الضغط على إسرائيل.
> وكيف تقرأ الوضع الاسرائيلي الحالي؟
- لا أعتقد أن (وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود) باراك سيسمح لـ (رئيس الوزراء إيهود) أولمرت بالتحرك نحو عملية سلام ذات صدقية لإنهاء الصراع لأن باراك يرى نفسه رئيساً للحكومة وليس وزيراً للدفاع. ثم إن 99 في المئة من حياة الشعب الفلسطيني مرهون حاليا بيد باراك الذي يتصرف وكأنه (رئيس الوزراء الاسبق ارييل) شارون لأنه ينظر إلى مستقبله في الانتخابات ولا ينظر إلى عملية السلام. لذلك لا أعتقد أن أولمرت يمكنه أن يخوض مفاوضات سلام تنهي قضايا الحل النهائي في هذا الظرف السياسي والحزبي، بالإضافة إلى أن حركة «شاس» تشكل عبئاً آخر على أولمرت في منعه من الانزلاق في عملية سلام جدية، وهناك (زعيم المعارضة وحزب ليكود بنيامين) نتانياهو الذي ينتظر من الحكومة خطأ ما أو ما يمكن أن يسمى تنازلاً من أولمرت لأبومازن ليسقط الحكومة ويفوز في الانتخابات.
> إذن ما جدوى لقاءات عباس وأولمرت، هل هي مضيعة للوقت؟
- لا أستطيع أن أقول ذلك لأن واجب أبو مازن أن يبحث في كل مكان، لكن إذا كان لديه طموح أو أمل كبير في أن هذه الاجتماعات ستقود إلى حل نهائي، فإن هذه التقديرات غير دقيقة. الرئيس أبو مازن معني بأن يسير في هذا الاتجاه، لكنني على يقين أنه سيأتي اليوم القريب لأن نتوصل واقعيا لحقيقة وأمر واقع بأن إسرائيل لا تريد أن تصل إلى حل نهائي، لكن يجب المحاولة في الظرف الراهن رغم أن كل يوم يمر يؤكد أن إسرائيل لا تريد أن تتفاوض في قضية القدس، بل إنها تمعن في بناء مستوطنات في القدس الشرقية لاستكمال الاستيطان فيها.
> هناك من يحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية عدم تشغيل معبر رفح؟
- لا يوجد داخل السلطة خلاف على تشغيل معبر رفح، والرئيس عباس ورئيس الحكومة (سلام) فياض طرحا فكرة إدارة المعبر من الرئاسة، وحصلا على موافقة مبدئية من اللجنة الرباعية، لكن حماس هي التي تعارض ذلك، وهي التي تتحمل مسؤولية هذا الامر، فهي التي سهلت على إسرائيل فرض الحصار على غزة.
> كيف تصف علاقتك بالاميركيين الآن؟
- عندما كنت في موقع رسمي كان من واجبي أن أتعامل مع جميع الأطراف، لكن عندما خرجت من موقعي ليس لي هذا الحق، وهذه العلاقات غير مفروضة عليّ، لكن علاقاتي مع الدول العربية مفتوحة ومستمرة.
> هناك تقارب ملحوظ بينك وبين فياض رغم أنه غير مدعوم من فتح، وهناك انتقادات كثيرة حوله من الحركة؟
- هل يجب أن يكون رئيس الحكومة من داخل الحركة، علاقتي مع فياض ليست من منطلق شخصي فهو شخصية مستقيمة وقام بواجبات مهمة عندما شغل حقيبة المال في عهد الرئيس عرفات، والرئيس أبو مازن اختاره رئيسا للوزراء في ظروف استثنائية، وأنا التزم ما يراه الرئيس، وهو يؤدي واجباته بطريقة جيدة. وإن كان هذا الامر لا علاقة لي به فإن كان يؤدي واجبه بطريقة لا ترضي الرئيس، يمكن له أن يعفيه، فالرئيس عباس هو الذي اختاره وهو الذي يهمه الأمر.
> ماذا تفعل الآن؟
- أنا أقضي وقتي بين رام الله والقاهرة حيث أسرتي مقيمة منذ الفترة الاولى لنتائج الانتخابات، وليس عليّ أي واجب تنفيذي، وأحترم حدودي في عضويتي للمجلس الثوري، لكنني على تواصل مع زملائي وأبنائي من كوادر الحركة، خصوصا في قطاع غزة. إنهم يمرون بنكبة أكبر من نكبة 1948 حيث مارست ضدهم حماس عمليات قتل جماعي واعتقال وتعذيب، لذلك واجبي أن أقف بجوارهم.